القرآن الكريم للجميع » تفسير ابن كثر » سورة هود
قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ۖ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ۚ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) (هود) 

قَالُوا " يَا لُوط إِنَّا رُسُل رَبّك لَنْ يَصِلُوا إِلَيْك " وَأَمَرُوهُ أَنْ يَسْرِي بِأَهْلِهِ مِنْ آخِر اللَّيْل وَأَنْ يَتَّبِع أَدْبَارهمْ أَيْ يَكُون سَاقَة لِأَهْلِهِ" وَلَا يَلْتَفِت مِنْكُمْ أَحَد " أَيْ إِذَا سَمِعْت مَا نَزَلَ بِهِمْ وَلَا تَهُولَنكُمْ تِلْكَ الْأَصْوَات الْمُزْعِجَة وَلَكِنْ اِسْتَمِرُّوا ذَاهِبِينَ " إِلَّا اِمْرَأَتك " قَالَ الْأَكْثَرُونَ هُوَ اِسْتِثْنَاء مِنْ الْمُثْبَت وَهُوَ قَوْله " فَأَسْرِ بِأَهْلِك تَقْدِيره " إِلَّا اِمْرَأَتك " وَكَذَلِكَ قَرَأَهَا اِبْن مَسْعُود وَنَصَبَ هَؤُلَاءِ اِمْرَأَتك لِأَنَّهُ مُثْبَت فَوَجَبَ نَصْبه عِنْدهمْ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ الْقُرَّاء وَالنُّحَاة هُوَ اِسْتِثْنَاء مِنْ قَوْله " وَلَا يَلْتَفِت مِنْكُمْ أَحَد إِلَّا اِمْرَأَتك " فَجَوَّزُوا الرَّفْع وَالنَّصْب وَذَكَرَ هَؤُلَاءِ أَنَّهَا خَرَجَتْ مَعَهُمْ وَأَنَّهَا لَمَّا سَمِعَتْ الْوَجْبَة اِلْتَفَتَتْ وَقَالَتْ : وَاقَوْمَاه فَجَاءَهَا حَجَر مِنْ السَّمَاء فَقَتَلَهَا ثُمَّ قَرَّبُوا لَهُ هَلَاك قَوْمه تَبْشِيرًا لَهُ لِأَنَّهُ قَالَ لَهُمْ أَهْلِكُوهُمْ السَّاعَة فَقَالُوا" إِنَّ مَوْعِدَهُمْ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ " . هَذَا وَقَوْم لُوط وُقُوف عَلَى الْبَاب عُكُوف قَدْ جَاءُوا يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ مِنْ كُلّ جَانِب وَلُوط وَاقِف عَلَى الْبَاب يُدَافِعهُمْ وَيَرْدَعُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ عَمَّا هُمْ فِيهِ وَهُمْ لَا يَقْبَلُونَ مِنْهُ بَلْ يَتَوَعَّدُونَهُ وَيَتَهَدَّدُونَهُ فَعِنْد ذَلِكَ خَرَجَ عَلَيْهِمْ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَضَرَبَ وُجُوههمْ بِجَنَاحِهِ فَطَمَسَ أَعْيُنهمْ فَرَجَعُوا وَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ الطَّرِيق كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُر " الْآيَة وَقَالَ مَعْمَر عَنْ قَتَادَة عَنْ حُذَيْفَة بْن الْيَمَان قَالَ : كَانَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام يَأْتِي قَوْم لُوط فَيَقُول أَنْهَاكُمْ اللَّه أَنْ تَعْرِضُوا لِعُقُوبَتِهِ فَلَمْ يُطِيعُوهُ حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْكِتَاب أَجَله اِنْتَهَتْ الْمَلَائِكَة إِلَى لُوط وَهُوَ يَعْمَل فِي أَرْض لَهُ فَدَعَاهُمْ إِلَى الضِّيَافَة فَقَالُوا إِنَّا ضُيُوفك اللَّيْلَة وَكَانَ اللَّه قَدْ عَهِدَ إِلَى جِبْرِيل أَلَّا يُعَذِّبهُمْ حَتَّى يَشْهَد عَلَيْهِمْ لُوط ثَلَاث شَهَادَات فَلَمَّا تَوَجَّهَ بِهِمْ لُوط إِلَى الضِّيَافَة ذَكَرَ مَا يَعْمَل قَوْمه مِنْ الشَّرّ فَمَشَى مَعَهُمْ سَاعَة ثُمَّ اِلْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ أَمَا تَعْلَمُونَ مَا يَعْمَل أَهْل هَذِهِ الْقَرْيَة ؟ مَا أَعْلَم عَلَى وَجْه الْأَرْض شَرًّا مِنْهُمْ أَيْنَ أَذْهَب بِكُمْ ؟ إِلَى قَوْمِي وَهُمْ أَشَرّ خَلْق اللَّه ؟ فَالْتَفَتَ جِبْرِيل إِلَى الْمَلَائِكَة فَقَالَ اِحْفَظُوهَا هَذِهِ وَاحِدَة ثُمَّ مَشَى مَعَهُمْ سَاعَة فَلَمَّا تَوَسَّطَ الْقَرْيَة وَأَشْفَقَ عَلَيْهِمْ وَاسْتَحْيَا مِنْهُمْ قَالَ : أَمَا تَعْلَمُونَ مَا يَعْمَل أَهْل هَذِهِ الْقَرْيَة ؟ مَا أَعْلَم عَلَى وَجْه الْأَرْض أَشَرّ مِنْهُمْ إِنَّ قَوْمِي أَشَرّ خَلْق اللَّه فَالْتَفَتَ جِبْرِيل إِلَى الْمَلَائِكَة فَقَالَ : اِحْفَظُوهَا هَاتَانِ اِثْنَتَانِ فَلَمَّا اِنْتَهَى إِلَى بَاب الدَّار بَكَى حَيَاء مِنْهُمْ وَشَفَقَة عَلَيْهِمْ فَقَالَ : إِنَّ قَوْمِي أَشَرّ خَلْق اللَّه ؟ أَمَا تَعْلَمُونَ مَا يَعْمَل أَهْل هَذِهِ الْقَرْيَة ؟ مَا أَعْلَم عَلَى وَجْه الْأَرْض أَهْل قَرْيَة شَرًّا مِنْهُمْ فَقَالَ جِبْرِيل لِلْمَلَائِكَةِ اِحْفَظُوا هَذِهِ ثَلَاث قَدْ حَقَّ الْعَذَاب فَلَمَّا دَخَلُوا ذَهَبَتْ عَجُوزه عَجُوز السُّوء فَصَعِدَتْ فَلَوَّحَتْ بِثَوْبِهَا فَأَتَاهَا الْفُسَّاق يُهْرَعُونَ سِرَاعًا قَالُوا مَا عِنْدك ؟ قَالَتْ ضَيَّفَ لُوط قَوْمًا مَا رَأَيْت قَطُّ أَحْسَن وُجُوهًا مِنْهُمْ وَلَا أَطْيَب رِيحًا مِنْهُمْ فَهَرَعُوا يُسَارِعُونَ إِلَى الْبَاب فَعَالَجَهُمْ لُوط عَلَى الْبَاب فَدَافَعُوهُ طَوِيلًا وَهُوَ دَاخِل وَهُمْ خَارِج يُنَاشِدهُمْ اللَّه وَيَقُول " هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَر لَكُمْ " فَقَامَ الْمَلَك فَلَزَّ بِالْبَابِ - يَقُول فَشَدَّهُ - وَاسْتَأْذَنَ جِبْرِيل فِي عُقُوبَتهمْ فَأَذِنَ اللَّه لَهُ فَقَامَ فِي الصُّورَة الَّتِي يَكُون فِيهَا فِي السَّمَاء فَنَشَرَ جَنَاحه - وَلِجِبْرِيل جَنَاحَانِ - وَعَلَيْهِ وِشَاح مِنْ دُرّ مَنْظُوم وَهُوَ بَرَّاق الثَّنَايَا أَجْلَى الْجَبِين وَرَأْسه حُبُك حُبُك مِثْل الْمَرْجَانِ وَهُوَ اللُّؤْلُؤ كَأَنَّهُ الثَّلْج وَرِجْلَاهُ إِلَى الْخُضْرَة فَقَالَ يَا لُوط " إِنَّا رُسُل رَبّك لَنْ يَصِلُوا إِلَيْك " اِمْضِ يَا لُوط عَنْ الْبَاب وَدَعْنِي وَإِيَّاهُمْ فَتَنَحَّى لُوط عَنْ الْبَاب فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَنَشَرَ جَنَاحه فَضَرَبَ بِهِ وُجُوههمْ ضَرْبَة شَدَخَ أَعْيُنهمْ فَصَارُوا عُمْيًا لَا يَعْرِفُونَ الطَّرِيق ثُمَّ أُمِرَ لُوط فَاحْتُمِلَ بِأَهْلِهِ فِي لَيْلَته قَالَ " فَأَسْرِ بِأَهْلِك بِقِطْعٍ مِنْ اللَّيْل" وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ نَحْو هَذَا.
كتب عشوائيه
- كيف تكسب قلب زوجتك؟كيف تكسب قلب زوجتك؟: مجموعة من النصائح تهدِف إلى عرض سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعامله مع نسائه لتكون نبراسًا لكل مسلم ليستضيء بها في تعامله مع امرأته، وتساعد على الاستقرار الأسري.
المؤلف : Ibrahim Bin Saleh Al-Humood
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/328748
- حوار هادئ بين السنة والشيعةحوار هادئ بين السنة والشيعة: في هذا الكتاب يناقش الدكتور عبد الرحمن دمشقية - حفظه الله - العقائد الباطلة في مذهب الشيعة. يقول في مقدمته: «غرضي من هذا الكتاب: أن أُوضِّح بسهولةٍ لكل شيعي ما تحويه كتب مشايخهم وعلمائهم، تلك الأمور التي لا يزال كثيرٌ من الشيعة لا يُدرِكونها، أريد أن يكون موقفنا موضوعيًّا على الدوام بعيدًا عن التعصب، والولاء الأعمى للتقاليد، أكتب هذا الكتاب فقط لنيل رضا الله تعالى، ولبيان الحق لكل من يهتم لسماعه».
المؤلف : Abdur-Rahman Demashqeyyah
الناشر : Defense network for the Sunnah www.dd-sunnah.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/371031
- حلية طالب العلمكتاب حلية طالب العلم، لمؤلفه فضيلة الشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد - رحمه لله - كتاب صغر حجما لكنه جمع فأوعى، هاهي حلية تحوي مجموعة آداب، نواقضها مجموعة آفات، فإذا فات أدب منها، اقترف المفرط آفة من آفاته، فمقل ومستكثر، وقد جمعها الشيخ من أدب من بارك الله في علمهم، وصاروا أئمة يهتدى بهم.
المؤلف : Baker Bin Abdullah Abu Zaid
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
المترجم : Murad Hilmi Al-Shuwaiq
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/339187
- ارق نفسك وأهلك بنفسكارق نفسك وأهلك بنفسك : في هذا الكتاب تعريف الرقية وبيان أنواعها، مع بيان ضابط الرقية المشروعة وشروط الانتفاع التام بالرقية، ثم ذكر بعض الأسباب التي تساعد في تعجيل الشفاء، ثم بيان أسباب عشرة يندفع بها شر الحاسد وغيره، ثم بيان بيان آيات وأدعية الرقية.
المؤلف : Khalid Aljuraisy
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
الناشر : http://www.alukah.net - Al Alukah Website
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/345077
- سلوك المستهلكإن هذا الكتاب يتعلق بالجوانب المتعددة لسلوك المستهلك، بالإضافة إلى دراسة قرار الشراء الاستهلاكي وأهم العوامل المرتبطة والمؤثرة فيه، ومدخلنا إلى ذلك هو مدخل منهجي يستند إلى التطبيق العلمي، وعلى ذلك؛ فإن هذا الكتاب ربما اختلف عن غيره من المؤلفات العربية في مجال التسويق من حيث الإطار المنهجي المتكامل لكل من المفاهيم والأبعاد المتعددة للتسويق، إضافة إلى السلوك الاستهلاكي في آن معًا، وذلك من خلال ربط منطقي يستند على الممارسة العملية في هذا المجال.
المؤلف : Khalid Aljuraisy
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
الناشر : http://www.alukah.net - Al Alukah Website
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/345081