القرآن الكريم للجميع » تفسير ابن كثر » سورة الإسراء
وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) (الإسراء) 

وَقَوْله تَعَالَى " وَاسْتَفْزِزْ مَنْ اِسْتَطَعْت مِنْهُمْ بِصَوْتِك " قِيلَ هُوَ الْغِنَاء قَالَ مُجَاهِد بِاللَّهْوِ وَالْغِنَاء أَيْ اِسْتَخِفَّهُمْ بِذَلِكَ وَقَالَ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " وَاسْتَفْزِزْ مَنْ اِسْتَطَعْت مِنْهُمْ بِصَوْتِك " قَالَ كُلّ دَاعٍ دَعَا إِلَى مَعْصِيَة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَ قَتَادَة وَاخْتَارَهُ اِبْن جَرِير وَقَوْله تَعَالَى " وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِك وَرَجِلك " يَقُول وَاحْمِلْ عَلَيْهِمْ بِجُنُودِك خَيَّالَتهمْ وَرَجِلَتهمْ فَإِنَّ الرَّجْل جَمْع رَاجِل كَمَا أَنَّ الرَّكْب جَمْع رَاكِب وَصَحْب جَمْع صَاحِب وَمَعْنَاهُ تُسَلَّط عَلَيْهِمْ بِكُلِّ مَا تَقْدِر عَلَيْهِ وَهَذَا أَمْر قَدَرِيّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى " أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِين عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزّهُمْ أَزًّا " أَيْ تُزْعِجهُمْ إِلَى الْمَعَاصِي إِزْعَاجًا وَتَسُوقهُمْ إِلَيْهَا سَوْقًا وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد فِي قَوْله " وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِك وَرَجِلك " قَالَ كُلّ رَاكِب وَمَاشٍ فِي مَعْصِيَة اللَّه وَقَالَ قَتَادَة : إِنَّ لَهُ خَيْلًا وَرِجَالًا مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس وَهُمْ الَّذِينَ يُطِيعُونَهُ تَقُول الْعَرَب أَجْلَبَ فُلَان عَلَى فُلَان إِذَا صَاحَ عَلَيْهِ وَمِنْهُ نَهَى فِي الْمُسَابَقَة عَنْ الْجَلَب وَالْجَنَب وَمِنْهُ اِشْتِقَاق الْجَلَبَة وَهِيَ اِرْتِفَاع الْأَصْوَات وَقَوْله تَعَالَى " وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد " قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد : هُوَ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ إِنْفَاق الْأَمْوَال فِي مَعَاصِي اللَّه تَعَالَى وَقَالَ عَطَاء : هُوَ الرِّبَا وَقَالَ الْحَسَن : هُوَ جَمْعهَا مِنْ خَبِيث وَإِنْفَاقهَا فِي حَرَام وَكَذَا قَالَ قَتَادَة وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَمَّا مُشَارَكَته إِيَّاهُمْ فِي أَمْوَالهمْ فَهُوَ مَا حَرَّمُوهُ مِنْ أَنْعَامهمْ يَعْنِي مِنْ الْبَحَائِر وَالسَّوَائِب وَنَحْوهَا وَكَذَا قَالَ الضَّحَّاك وَقَتَادَة وَقَالَ اِبْن جَرِير وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَال إِنَّ الْآيَة تَعُمّ ذَلِكَ كُلّه وَقَوْله " وَالْأَوْلَاد " قَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَالضَّحَّاك يَعْنِي أَوْلَاد الزِّنَا وَقَالَ عَلِيّ اِبْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس هُوَ مَا كَانُوا قَتَلُوهُ مِنْ أَوْلَادهمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْم وَقَالَ قَتَادَة عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ : قَدْ وَاَللَّه شَارَكَهُمْ فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد مُجِّسُوا وَهُوِّدُوا وَنُصِّرُوا وَصُبِغُوا غَيْر صِبْغَة الْإِسْلَام وَجَزَّءُوا مِنْ أَمْوَاله جُزْءًا لِلشَّيْطَانِ وَكَذَا قَالَ قَتَادَة سَوَاء . وَقَالَ أَبُو صَالِح عَنْ اِبْن عَبَّاس هُوَ تَسْمِيَتهمْ أَوْلَادهمْ عَبْد الْحَارِث وَعَبْد شَمْس وَعَبْد فُلَان . قَالَ اِبْن جَرِير وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال كُلّ مَوْلُود وَلَدَتْهُ أُنْثَى عَصَى اللَّه فِيهِ بِتَسْمِيَتِهِ بِمَا يَكْرَههُ اللَّه أَوْ بِإِدْخَالِهِ فِي غَيْر الدِّين الَّذِي اِرْتَضَاهُ اللَّه أَوْ بِالزِّنَا بِأُمِّهِ أَوْ بِقَتْلِهِ أَوْ وَأْده أَوْ غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأُمُور الَّتِي يَعْصِي اللَّه بِفِعْلِهِ بِهِ أَوْ فِيهِ فَقَدْ دَخَلَ فِي مُشَارَكَة إِبْلِيس فِيهِ مَنْ وُلِدَ ذَلِكَ الْوَلَد لَهُ أَوْ مِنْهُ لِأَنَّ اللَّه لَمْ يُخَصِّص بِقَوْلِهِ " وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد " مَعْنَى الشَّرِكَة فِيهِ بِمَعْنًى دُون مَعْنًى فَكُلّ مَا عُصِيَ اللَّه فِيهِ أَوْ بِهِ أَوْ أُطِيعَ الشَّيْطَان فِيهِ أَوْ بِهِ فَهُوَ مُشَارَكَة وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُتَّجَه وَكُلّ مِنْ السَّلَف رَحِمَهُمْ اللَّه فَسَّرَ بَعْض الْمُشَارَكَة فَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ عِيَاض بْن حَمَّاد أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " يَقُول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إِنِّي خَلَقْت عِبَادِي حُنَفَاء فَجَاءَتْهُمْ الشَّيَاطِين فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينهمْ وَحَرَّمْت عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْت لَهُمْ " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَوْ أَنَّ أَحَدهمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِي أَهْله قَالَ بِسْمِ اللَّه اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَان وَجَنِّبْ الشَّيْطَان مَا رَزَقْتنَا فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّر بَيْنهمَا وَلَد فِي ذَلِكَ لَمْ يَضُرّهُ الشَّيْطَان أَبَدًا " وَقَوْله تَعَالَى " وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدهُمْ الشَّيْطَان إِلَّا غُرُورًا " كَمَا أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ إِبْلِيس أَنَّهُ يَقُول إِذَا حَصْحَصَ الْحَقّ يَوْم يُقْضَى بِالْحَقِّ " إِنَّ اللَّه وَعَدَكُمْ وَعْد الْحَقّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ " الْآيَة .
كتب عشوائيه
- خالد بن الوليد (سيف الله)خالد بن الوليد (سيف الله): هذا الكتاب هو من تأليف ضابط باكستاني في رتبة لواء، وهو يبحث بالتفصيل ـ باسلوب عسكري بخبرة واختصاص ـ في الحياة والتربية العسكرية لدى العرب في فترة ما قبل الإسلام وبعده، وحياة خالد بن الوليد منذ نعومة أظافره وحتى وفاته، كما أنه يحوي شرحاً مفصلاً لكافة المعارك التي خاضها أو قادها مع إرفاقها بالمخططات، مستمداً معلوماته من المصادر العربية.
المؤلف : A. Akram
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/61193
- لماذا خلقنا ؟-
المؤلف : Abu Ameenah Bilal Philips
الناشر : http://www.islambasics.com - Islam Basics Website
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/51910
- رسالتان موجزتان في الزكاة والصيامرسالتان موجزتان في الزكاة والصيام: هذا الكتيب يحتوي على رسالتين وهما: الرسالة الأولى: في بحوث هامة حول الزكاة. الرسالة الثانية: في فضل الصيام رمضان وقيامه مع بيان أحكام مهمة قد تخفى على بعض الناس.
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
الناشر : http://www.dar-alsalam.com - Darussalam Publications Website
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/316361
- نبوءات عن خاتم الأنبياءكتيب رائع يذكر نبوءات الكتب السابقة بمجيئه ـ صلى الله عليه وسلم. يذكر نبوءات الزبور، والعهد القديم، والعهد الجديد، ويناقش أيضًا بعض المباحث الأخرى المتعلقة بهذا الأمر.
الناشر : http://www.rasoulallah.net - Website of Rasoulullah (peace be upon him)
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/321055
- الصحوة الإسلامية ضوابط وتوجيهاتالصحوة الإسلامية ضوابط وتوجيهات: كتاب مجموع فيه كلام الشيخ - رحمه الله - في الصحوة الإسلامية والجماعات والأحزاب لا يستغني عنه طالب العلم والباحث عن حقيقة هذه الجماعات، وكيفية التعامل معها، وموقف المسلم منها.
المؤلف : Muhammad ibn Saleh al-Othaimeen
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/313862