القرآن الكريم للجميع » تفسير القرطبي » سورة المدثر
يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) (المدثر) 

أَيْ يَا ذَا الَّذِي قَدْ تَدَثَّرَ بِثِيَابِهِ , أَيْ تَغَشَّى بِهَا وَنَامَ , وَأَصْله الْمُتَدَثِّر فَأُدْغِمَتْ التَّاء فِي الدَّال لِتَجَانُسِهِمَا . وَقَرَأَ أُبَيّ " الْمُتَدَثِّر " عَلَى الْأَصْل .
وَقَالَ مُقَاتِل : مُعْظَم هَذِهِ السُّورَة فِي الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة .
وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه وَكَانَ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحَدِّث - قَالَ . قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُحَدِّث عَنْ فَتْرَة الْوَحْي - قَالَ فِي حَدِيثه : ( فَبَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْت صَوْتًا مِنْ السَّمَاء فَرَفَعْت رَأْسِي , فَإِذَا الْمَلَك الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاء جَالِسًا عَلَى كُرْسِيّ بَيْنَ السَّمَاء وَالْأَرْض ) . قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَجُئِثْتُ مِنْهُ فَرَقًا , فَرَجَعْت فَقُلْت زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي , فَدَثَّرُونِي , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر . قُمْ فَأَنْذِرْ . وَرَبّك فَكَبِّرْ . وَثِيَابك فَطَهِّرْ . وَالرُّجْز فَاهْجُرْ " ) فِي رِوَايَة - قَبْل أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاة - وَهِيَ الْأَوْثَان قَالَ : ( ثُمَّ تَتَابَعَ الْوَحْي ) . خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضًا وَقَالَ : حَدِيث حَسَن صَحِيح .
قَالَ مُسْلِم : وَحَدَّثَنَا زُهَيْر بْن حَرْب , قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيّ قَالَ : سَمِعْت يَحْيَى يَقُول : سَأَلْت أَبَا سَلَمَة : أَيّ الْقُرْآن أُنْزِلَ قَبْل ؟ قَالَ : " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر " فَقُلْت : أَوْ " اِقْرَأْ " . فَقَالَ : سَأَلْت جَابِرَ بْن عَبْد اللَّه أَيّ الْقُرْآن أُنْزِلَ قَبْل ؟ قَالَ : " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر " فَقُلْت : أَوْ " اِقْرَأْ " فَقَالَ جَابِر : أُحَدِّثكُمْ مَا حَدَّثَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : ( جَاوَرْت بِحِرَاء شَهْرًا , فَلَمَّا قَضَيْت جِوَارِي نَزَلْت فَاسْتَبْطَنْتُ بَطْنَ الْوَادِي , فَنُودِيت فَنَظَرْت أَمَامِي وَخَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي فَلَمْ أَرَ أَحَدًا , ثُمَّ نُودِيت فَنَظَرْت فَلَمْ أَرَ أَحَدًا , ثُمَّ نُودِيت فَرَفَعْت رَأْسِي فَإِذَا هُوَ عَلَى الْعَرْش فِي الْهَوَاء - يَعْنِي جِبْرِيل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَتْنِي رَجْفَة شَدِيدَة , فَأَتَيْت خَدِيجَةَ فَقُلْت دَثِّرُونِي , فَدَثَّرُونِي فَصَبُّوا عَلَيَّ مَاء , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر . قُمْ فَأَنْذِرْ . وَرَبّك فَكَبِّرْ وَثِيَابك فَطَهِّرْ " ) خَرَّجَهُ الْبُخَارِيّ وَقَالَ فِيهِ : ( فَأَتَيْت خَدِيجَةَ فَقُلْت دَثِّرُونِي وَصُبُّوا عَلَيَّ مَاء بَارِدًا , فَدَثَّرُونِي وَصَبُّوا عَلَيَّ مَاء بَارِدًا فَنَزَلَتْ : " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر . قُمْ فَأَنْذِرْ . وَرَبّك فَكَبِّرْ . وَثِيَابَك فَطَهِّرْ . وَالرُّجْز فَاهْجُرْ . وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِر " ) .
اِبْن الْعَرَبِيّ : وَقَدْ قَالَ بَعْض الْمُفَسِّرِينَ إِنَّهُ جَرَى عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عُقْبَة [ بْن رَبِيعَة ] أَمْر , فَرَجَعَ إِلَى مَنْزِله مَغْمُومًا , فَقَلِقَ وَاضْطَجَعَ , فَنَزَلَتْ : " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر " وَهَذَا بَاطِل .
وَقَالَ الْقُشَيْرِيّ أَبُو نَصْر : وَقِيلَ بَلَغَهُ قَوْل كُفَّار مَكَّة أَنْتَ سَاحِر , فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ غَمًّا وَحُمَّ , فَتَدَثَّرَ بِثِيَابِهِ , فَقَالَ اللَّه تَعَالَى : " قُمْ فَأَنْذِرْ " أَيْ لَا تُفَكِّر فِي قَوْلهمْ , وَبَلِّغْهُمْ الرِّسَالَةَ .
وَقِيلَ : اِجْتَمَعَ أَبُو لَهَب وَأَبُو سُفْيَان وَالْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة وَالنَّضْر بْن الْحَارِث وَأُمَيَّة بْن خَلَف وَالْعَاص بْن وَائِل وَمُطْعِم بْن عَدِيّ وَقَالُوا : قَدْ اِجْتَمَعَتْ وُفُود الْعَرَب فِي أَيَّام الْحَجّ , وَهُمْ يَتَسَاءَلُونَ عَنْ أَمْر مُحَمَّد , وَقَدْ اِخْتَلَفْتُمْ فِي الْإِخْبَار عَنْهُ ; فَمِنْ قَائِل يَقُول مَجْنُون , وَآخَر يَقُول كَاهِن , وَآخَر يَقُول شَاعِر , وَتَعْلَم الْعَرَب أَنَّ هَذَا كُلّه لَا يَجْتَمِع فِي رَجُل وَاحِد , فَسَمُّوا مُحَمَّدًا بِاسْمٍ وَاحِد يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ , وَتُسَمِّيه الْعَرَب بِهِ , فَقَامَ مِنْهُمْ رَجُل فَقَالَ : شَاعِر ; فَقَالَ الْوَلِيد : سَمِعْت كَلَام اِبْن الْأَبْرَص , وَأُمَيَّة بْن أَبِي الصَّلْت , وَمَا يُشْبِه كَلَام مُحَمَّد كَلَام وَاحِد مِنْهُمَا ; فَقَالُوا : كَاهِن . فَقَالَ : الْكَاهِن يَصْدُق وَيَكْذِب وَمَا كَذَبَ مُحَمَّد قَطُّ ; فَقَامَ آخَر فَقَالَ : مَجْنُون ; فَقَالَ الْوَلِيد : الْمَجْنُون يَخْنُق النَّاس وَمَا خَنَقَ مُحَمَّد قَطُّ . وَانْصَرَفَ الْوَلِيد إِلَى بَيْته , فَقَالُوا : صَبَأَ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة ; فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو جَهْل وَقَالَ : مَا لَك يَا أَبَا عَبْد شَمْس ! هَذِهِ قُرَيْش تَجْمَع لَك شَيْئًا يُعْطُونَكَهُ , زَعَمُوا أَنَّك قَدْ اِحْتَجْت وَصَبَأْت . فَقَالَ الْوَلِيد : مَا لِي إِلَى ذَلِكَ حَاجَة , وَلَكِنِّي فَكَّرْت فِي مُحَمَّد , فَقُلْت : مَا يَكُون مِنْ السَّاحِر ؟ فَقِيلَ : يُفَرِّق بَيْنَ الْأَب وَابْنه , وَبَيْنَ الْأَخ وَأَخِيهِ , وَبَيْنَ الْمَرْأَة وَزَوْجهَا , فَقُلْت : إِنَّهُ سَاحِر . شَاعَ هَذَا فِي النَّاس وَصَاحُوا يَقُولُونَ : إِنَّ مُحَمَّدًا سَاحِر . وَرَجَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْته مَحْزُونًا فَتَدَثَّرَ بِقَطِيفَةٍ , وَنَزَلَتْ : " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر " .
وَقَالَ عِكْرِمَة : مَعْنَى " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر " أَيْ الْمُدَّثِّر بِالنُّبُوَّةِ وَأَثْقَالهَا . اِبْن الْعَرَبِيّ : وَهَذَا مَجَاز بَعِيد ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ تَنَبَّأَ بَعْد . وَعَلَى أَنَّهَا أَوَّل الْقُرْآن لَمْ يَكُنْ تَمَكَّنَ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ ثَانِيَ مَا نَزَلَ .
قَوْله تَعَالَى : " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر " : مُلَاطَفَة فِي الْخِطَاب مِنْ الْكَرِيم إِلَى الْحَبِيب إِذْ نَادَاهُ بِحَالِهِ , وَعَبَّرَ عَنْهُ بِصِفَتِهِ , وَلَمْ يَقُلْ يَا مُحَمَّد وَيَا فُلَان , لِيَسْتَشْعِر اللِّين وَالْمُلَاطَفَة مِنْ رَبّه كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَة " الْمُزَّمِّل " . وَمِثْله قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ إِذْ نَامَ فِي الْمَسْجِد : ( قُمْ أَبَا تُرَاب ) وَكَانَ خَرَجَ مُغَاضِبًا لِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا فَسَقَطَ رِدَاؤُهُ وَأَصَابَهُ تُرَابه ; خَرَّجَهُ مُسْلِم . وَمِثْله قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لِحُذَيْفَة لَيْلَة الْخَنْدَق : ( قُمْ يَا نَوْمَان ) وَقَدْ تَقَدَّمَ .
وَقَالَ مُقَاتِل : مُعْظَم هَذِهِ السُّورَة فِي الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة .
وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه وَكَانَ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحَدِّث - قَالَ . قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُحَدِّث عَنْ فَتْرَة الْوَحْي - قَالَ فِي حَدِيثه : ( فَبَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْت صَوْتًا مِنْ السَّمَاء فَرَفَعْت رَأْسِي , فَإِذَا الْمَلَك الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاء جَالِسًا عَلَى كُرْسِيّ بَيْنَ السَّمَاء وَالْأَرْض ) . قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَجُئِثْتُ مِنْهُ فَرَقًا , فَرَجَعْت فَقُلْت زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي , فَدَثَّرُونِي , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر . قُمْ فَأَنْذِرْ . وَرَبّك فَكَبِّرْ . وَثِيَابك فَطَهِّرْ . وَالرُّجْز فَاهْجُرْ " ) فِي رِوَايَة - قَبْل أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاة - وَهِيَ الْأَوْثَان قَالَ : ( ثُمَّ تَتَابَعَ الْوَحْي ) . خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضًا وَقَالَ : حَدِيث حَسَن صَحِيح .
قَالَ مُسْلِم : وَحَدَّثَنَا زُهَيْر بْن حَرْب , قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيّ قَالَ : سَمِعْت يَحْيَى يَقُول : سَأَلْت أَبَا سَلَمَة : أَيّ الْقُرْآن أُنْزِلَ قَبْل ؟ قَالَ : " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر " فَقُلْت : أَوْ " اِقْرَأْ " . فَقَالَ : سَأَلْت جَابِرَ بْن عَبْد اللَّه أَيّ الْقُرْآن أُنْزِلَ قَبْل ؟ قَالَ : " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر " فَقُلْت : أَوْ " اِقْرَأْ " فَقَالَ جَابِر : أُحَدِّثكُمْ مَا حَدَّثَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : ( جَاوَرْت بِحِرَاء شَهْرًا , فَلَمَّا قَضَيْت جِوَارِي نَزَلْت فَاسْتَبْطَنْتُ بَطْنَ الْوَادِي , فَنُودِيت فَنَظَرْت أَمَامِي وَخَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي فَلَمْ أَرَ أَحَدًا , ثُمَّ نُودِيت فَنَظَرْت فَلَمْ أَرَ أَحَدًا , ثُمَّ نُودِيت فَرَفَعْت رَأْسِي فَإِذَا هُوَ عَلَى الْعَرْش فِي الْهَوَاء - يَعْنِي جِبْرِيل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَتْنِي رَجْفَة شَدِيدَة , فَأَتَيْت خَدِيجَةَ فَقُلْت دَثِّرُونِي , فَدَثَّرُونِي فَصَبُّوا عَلَيَّ مَاء , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر . قُمْ فَأَنْذِرْ . وَرَبّك فَكَبِّرْ وَثِيَابك فَطَهِّرْ " ) خَرَّجَهُ الْبُخَارِيّ وَقَالَ فِيهِ : ( فَأَتَيْت خَدِيجَةَ فَقُلْت دَثِّرُونِي وَصُبُّوا عَلَيَّ مَاء بَارِدًا , فَدَثَّرُونِي وَصَبُّوا عَلَيَّ مَاء بَارِدًا فَنَزَلَتْ : " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر . قُمْ فَأَنْذِرْ . وَرَبّك فَكَبِّرْ . وَثِيَابَك فَطَهِّرْ . وَالرُّجْز فَاهْجُرْ . وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِر " ) .
اِبْن الْعَرَبِيّ : وَقَدْ قَالَ بَعْض الْمُفَسِّرِينَ إِنَّهُ جَرَى عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عُقْبَة [ بْن رَبِيعَة ] أَمْر , فَرَجَعَ إِلَى مَنْزِله مَغْمُومًا , فَقَلِقَ وَاضْطَجَعَ , فَنَزَلَتْ : " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر " وَهَذَا بَاطِل .
وَقَالَ الْقُشَيْرِيّ أَبُو نَصْر : وَقِيلَ بَلَغَهُ قَوْل كُفَّار مَكَّة أَنْتَ سَاحِر , فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ غَمًّا وَحُمَّ , فَتَدَثَّرَ بِثِيَابِهِ , فَقَالَ اللَّه تَعَالَى : " قُمْ فَأَنْذِرْ " أَيْ لَا تُفَكِّر فِي قَوْلهمْ , وَبَلِّغْهُمْ الرِّسَالَةَ .
وَقِيلَ : اِجْتَمَعَ أَبُو لَهَب وَأَبُو سُفْيَان وَالْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة وَالنَّضْر بْن الْحَارِث وَأُمَيَّة بْن خَلَف وَالْعَاص بْن وَائِل وَمُطْعِم بْن عَدِيّ وَقَالُوا : قَدْ اِجْتَمَعَتْ وُفُود الْعَرَب فِي أَيَّام الْحَجّ , وَهُمْ يَتَسَاءَلُونَ عَنْ أَمْر مُحَمَّد , وَقَدْ اِخْتَلَفْتُمْ فِي الْإِخْبَار عَنْهُ ; فَمِنْ قَائِل يَقُول مَجْنُون , وَآخَر يَقُول كَاهِن , وَآخَر يَقُول شَاعِر , وَتَعْلَم الْعَرَب أَنَّ هَذَا كُلّه لَا يَجْتَمِع فِي رَجُل وَاحِد , فَسَمُّوا مُحَمَّدًا بِاسْمٍ وَاحِد يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ , وَتُسَمِّيه الْعَرَب بِهِ , فَقَامَ مِنْهُمْ رَجُل فَقَالَ : شَاعِر ; فَقَالَ الْوَلِيد : سَمِعْت كَلَام اِبْن الْأَبْرَص , وَأُمَيَّة بْن أَبِي الصَّلْت , وَمَا يُشْبِه كَلَام مُحَمَّد كَلَام وَاحِد مِنْهُمَا ; فَقَالُوا : كَاهِن . فَقَالَ : الْكَاهِن يَصْدُق وَيَكْذِب وَمَا كَذَبَ مُحَمَّد قَطُّ ; فَقَامَ آخَر فَقَالَ : مَجْنُون ; فَقَالَ الْوَلِيد : الْمَجْنُون يَخْنُق النَّاس وَمَا خَنَقَ مُحَمَّد قَطُّ . وَانْصَرَفَ الْوَلِيد إِلَى بَيْته , فَقَالُوا : صَبَأَ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة ; فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو جَهْل وَقَالَ : مَا لَك يَا أَبَا عَبْد شَمْس ! هَذِهِ قُرَيْش تَجْمَع لَك شَيْئًا يُعْطُونَكَهُ , زَعَمُوا أَنَّك قَدْ اِحْتَجْت وَصَبَأْت . فَقَالَ الْوَلِيد : مَا لِي إِلَى ذَلِكَ حَاجَة , وَلَكِنِّي فَكَّرْت فِي مُحَمَّد , فَقُلْت : مَا يَكُون مِنْ السَّاحِر ؟ فَقِيلَ : يُفَرِّق بَيْنَ الْأَب وَابْنه , وَبَيْنَ الْأَخ وَأَخِيهِ , وَبَيْنَ الْمَرْأَة وَزَوْجهَا , فَقُلْت : إِنَّهُ سَاحِر . شَاعَ هَذَا فِي النَّاس وَصَاحُوا يَقُولُونَ : إِنَّ مُحَمَّدًا سَاحِر . وَرَجَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْته مَحْزُونًا فَتَدَثَّرَ بِقَطِيفَةٍ , وَنَزَلَتْ : " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر " .
وَقَالَ عِكْرِمَة : مَعْنَى " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر " أَيْ الْمُدَّثِّر بِالنُّبُوَّةِ وَأَثْقَالهَا . اِبْن الْعَرَبِيّ : وَهَذَا مَجَاز بَعِيد ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ تَنَبَّأَ بَعْد . وَعَلَى أَنَّهَا أَوَّل الْقُرْآن لَمْ يَكُنْ تَمَكَّنَ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ ثَانِيَ مَا نَزَلَ .
قَوْله تَعَالَى : " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر " : مُلَاطَفَة فِي الْخِطَاب مِنْ الْكَرِيم إِلَى الْحَبِيب إِذْ نَادَاهُ بِحَالِهِ , وَعَبَّرَ عَنْهُ بِصِفَتِهِ , وَلَمْ يَقُلْ يَا مُحَمَّد وَيَا فُلَان , لِيَسْتَشْعِر اللِّين وَالْمُلَاطَفَة مِنْ رَبّه كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَة " الْمُزَّمِّل " . وَمِثْله قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ إِذْ نَامَ فِي الْمَسْجِد : ( قُمْ أَبَا تُرَاب ) وَكَانَ خَرَجَ مُغَاضِبًا لِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا فَسَقَطَ رِدَاؤُهُ وَأَصَابَهُ تُرَابه ; خَرَّجَهُ مُسْلِم . وَمِثْله قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لِحُذَيْفَة لَيْلَة الْخَنْدَق : ( قُمْ يَا نَوْمَان ) وَقَدْ تَقَدَّمَ .
كتب عشوائيه
- فقه السنة: كتاب الحج
المؤلف : Sayid Sabiq
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1395
- حقيقة الصيامحقيقة الصيام: سيساعد هذا الكتاب من يقرأه في فهم مسائل عدة في الصيام و أحكامه.
المؤلف : Sheikh-ul-Islam ibn Taymiyyah
الناشر : http://www.dar-alsalam.com - Darussalam Publications Website
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/177572
- الوصية الشرعيةالوصية الشرعية: كتابٌ ذكر فيه المؤلف الوصية الشرعية التي يجب على كل مسلم أن يكتبها، قدَّم لها بكلام عن المرض أحكامه وعِظاته، وعن أحكام الجنائز وعِظاتها، وذكر الآيات التي فيها الوصية في كتاب الله تعالى، وأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - المحتوية لذلك.
المؤلف : Muhammad al-Jibaly
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/321836
- الشمائل المحمديةالشمائل المحمدية: من الكتب القديمة التي تفردت بذكر شمائل وأوصاف وعادات وعبادات وأخلاق ومعاملات النبي - صلى الله عليه وسلم -.
المؤلف : Muhammad Bin Isa Al-Tirmidhi
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/314347
- بعض النصائح إلى كل نصرانيبعض النصائح إلى كل نصراني: نصائح وجهها الدكتور صالح الصالح - وفقه الله - في رسالته إلى كل نصراني، يُبيِّن فيها مكانة المسيح عيسى ابن مريم - عليه السلام - في دين الإسلام، وأنه عبد الله ورسوله.
المؤلف : Dr. Saleh As-Saleh
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/318525