القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة البقرة
إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۖ وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119) (البقرة) 

قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا أَبِي أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن صَالِح أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْفَزَارِيّ عَنْ شَيْبَان النَّحْوِيّ أَخْبَرَنِي قَتَادَة عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ " إِنَّا أَرْسَلْنَاك بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا " قَالَ بَشِيرًا بِالْجَنَّةِ وَنَذِيرًا مِنْ النَّار قَوْله " وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَاب الْجَحِيم" قِرَاءَة أَكْثَرهمْ وَلَا تُسْأَل بِضَمِّ التَّاء عَلَى الْخَبَر وَفِي قِرَاءَة أُبَيّ بْن كَعْب وَمَا تَسْأَل وَفِي قِرَاءَة اِبْن مَسْعُود وَلَنْ تُسْأَل عَنْ أَصْحَاب الْجَحِيم نَقَلَهُمَا اِبْن جَرِير أَيْ لَا نَسْأَلُك عَنْ كُفْر مَنْ كَفَرَ بِك كَقَوْلِهِ " فَإِنَّمَا عَلَيْك الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ " وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى " فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْت عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ" الْآيَة وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى " نَحْنُ أَعْلَم بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيد " وَأَشْبَاه ذَلِكَ مِنْ الْآيَات وَقَرَأَ آخَرُونَ " وَلَا تَسْأَل عَنْ أَصْحَاب الْجَحِيم " بِفَتْحِ التَّاء عَلَى النَّهْي أَيْ لَا تَسْأَل عَنْ حَالهمْ كَمَا قَالَ عَبْد الرَّزَّاق : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَيْتَ شِعْرِي مَا فَعَلَ أَبَوَايَ لَيْتَ شِعْرِي مَا فَعَلَ أَبَوَايَ لَيْتَ شِعْرِي مَا فَعَلَ أَبَوَايَ ؟ " فَنَزَلَتْ " وَلَا تُسْأَل عَنْ أَصْحَاب الْجَحِيم فَمَا ذَكَرَهُمَا حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَوَاهُ اِبْن جَرِير عَنْ اِبْن كُرَيْب عَنْ وَكِيع عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة وَقَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب بِمِثْلِهِ قَدْ حَكَاهُ الْقُرْطُبِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَمُحَمَّد بْن كَعْب قَالَ الْقُرْطُبِيّ : وَهَذَا كَمَا يُقَال لَا تَسْأَل عَنْ فُلَان أَيْ قَدْ بَلَغَ فَوْق مَا تَحْسِب وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّذْكِرَة أَنَّ اللَّه أَحْيَا لَهُ أَبَوَيْهِ حَتَّى آمَنَا بِهِ وَأَجَبْنَا عَنْ قَوْله " إِنَّ أَبِي وَأَبَاك فِي النَّار " " قُلْت " وَالْحَدِيث الْمَرْوِيّ فِي حَيَاة أَبَوَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَام لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُب السِّتَّة وَلَا غَيْرهَا وَإِسْنَادُهُ ضَعِيف وَاَللَّه أَعْلَم . ثُمَّ قَالَ اِبْن جَرِير وَحَدَّثَنِي الْقَاسِم أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن حَدَّثَنِي حَجَّاج عَنْ اِبْن جُرَيْج أَخْبَرَنِي دَاوُد بْن أَبِي عَاصِم بِهِ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَات يَوْم " أَيْنَ أَبَوَايَ " ؟ فَنَزَلَتْ " إِنَّا أَرْسَلْنَاك بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَل عَنْ أَصْحَاب الْجَحِيم" وَهَذَا مُرْسَل كَاَلَّذِي قَبْله وَقَدْ رَدَّ اِبْن جَرِير هَذَا الْقَوْل الْمَرْوِيّ عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب وَغَيْره فِي ذَلِكَ لِاسْتِحَالَةِ الشَّكّ فِي الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْر أَبَوَيْهِ وَاخْتَارَ الْقِرَاءَة الْأُولَى وَهَذَا الَّذِي سَلَكَهُ هَاهُنَا فِيهِ نَظَر لِاحْتِمَالِ أَنَّ هَذَا كَانَ فِي حَال اِسْتِغْفَاره لِأَبَوَيْهِ قَبْل أَنْ يَعْلَم أَمْرهمَا لَمَّا عَلِمَ ذَلِكَ تَبَرَّأَ مِنْهُمَا وَأَخْبَرَ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا مِنْ أَهْل النَّار كَمَا ثَبَتَ هَذَا فِي الصَّحِيح وَلِهَذَا أَشْبَاه كَثِيرَة وَنَظَائِر وَلَا يَلْزَم مَا ذَكَرَهُ اِبْن جَرِير وَاَللَّه أَعْلَم وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد أَخْبَرَنَا مُوسَى بْن دَاوُد حَدَّثَنَا فُلَيْح بْن سُلَيْمَان عَنْ هِلَال بْن عَلِيّ عَنْ عَطَاء بْن يَسَار قَالَ : لَقِيت عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاص فَقُلْت : أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاة فَقَالَ : أَجَلْ وَاَللَّه إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاة بِصِفَتِهِ فِي الْقُرْآن : يَا أَيُّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ وَأَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُك الْمُتَوَكِّل لَا فَظّ وَلَا غَلِيظ وَلَا صَخَّاب فِي الْأَسْوَاق لَا يَدْفَع بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَة وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِر وَلَنْ يَقْبِضهُ حَتَّى يُقِيم بِهِ الْمِلَّة الْعَوْجَاء بِأَنْ يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا اللَّه فَيَفْتَح بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا . اِنْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ الْبُخَارِيّ فَرَوَاهُ فِي الْبُيُوع عَنْ مُحَمَّد بْن سِنَان عَنْ فُلَيْح بِهِ وَقَالَ تَابَعَهُ عَبْد الْعَزِيز بْن أَبِي سَلَمَة عَنْ هِلَال وَقَالَ سَعِيد عَنْ هِلَال عَنْ عَطَاء عَنْ عَبْد اللَّه بْن سَلَام رَوَاهُ فِي التَّفْسِير عَنْ عَبْد اللَّه عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن أَبِي سَلَمَة عَنْ هِلَال عَنْ عَطَاء عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاص بِهِ فَذَكَرَ نَحْوه فَعَبْد اللَّه هَذَا هُوَ اِبْن صَالِح كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي كِتَاب الْأَدَب وَزَعَمَ اِبْن مَسْعُود الدِّمَشْقِيّ أَنَّهُ عَبْد اللَّه بْن رَجَاء وَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو بَكْر بْن مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة مِنْ الْبَقَرَة عَنْ أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن أَيُّوب عَنْ مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الْبَرَاء عَنْ الْمَعَافِيّ بْن سُلَيْمَان عَنْ فُلَيْح بِهِ وَزَادَ : قَالَ عَطَاء : ثُمَّ لَقِيت كَعْب الْأَحْبَار فَسَأَلْته فَمَا اِخْتَلَفَا فِي حَرْف إِلَّا أَنَّ كَعْبًا قَالَ : بَلَغْته أَعْيُنًا عُمُومَى وَآذَانَا صُمُومَى وَقُلُوبًا غُلُوفَا .
كتب عشوائيه
- مفهوم الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنةمفهوم الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف في مقدة كتابه: «فهذه رسالة مختصرة في «مفهوم الحكمة في الدعوة إلى اللَّه تعالى»، بيَّنتُ فيها مفهوم الحكمة وضوابطها، وأنواعها، وأركانها، ودرجاتها، وطرق اكتسابها، وقد قسمت البحث إلى تمهيد وأربعة مباحث وتحت كل مبحث مطالب، على النحو الآتي: التمهيد: أهمية الحكمة في الدعوة إلى اللَّه تعالى. المبحث الأول: مفهوم الحكمة: لغةً وشرعًا. المبحث الثاني: أنواع الحكمة. المبحث الثالث: أركان الحكمة. المبحث الرابع: طرق اكتساب الحكمة».
المؤلف : سعيد بن علي بن وهف القحطاني
الناشر : المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/337986
- هل العهد الجديد كلمة الله؟هل العهد الجديد كلمة الله؟ : المسيحية تؤمن أن أسفار العهد الجديد هي كلمة الله التي كتبها رجال الله القديسون بإلهام من الروح القدس، وفي هذه الرسالة إجابة على هذا السؤال هل تؤيد الشواهد العلمية والأدلة التاريخية بل والنصوص الكتابية، ما قاله القرآن عن تحريف هذه الكتب وزور نسبتها إلى الله أم أن العهد الجديد سلم من التحريف والتبديل والعبث البشري كما يؤمن النصارى؟
المؤلف : منقذ بن محمود السقار
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/228824
- مشكل إعراب القرآنمشكل إعراب القرآن : انتخبت من الآيات [المشكل] منها، وهو الذي قد تغمض معرفة إعرابه وإدراك توجيهه، أو يخالف في الظاهر قواعد النحاة ، ولكنه لدى التأمل والتحقيق يظهر لنا موافقتها.
المؤلف : أحمد بن محمد الخراط
الناشر : موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/141391
- مسئولية المرأة المسلمةمسئولية المرأة المسلمة : في هذه الرسالة بعض التوجيهات للمرأة المسلمة حول الحجاب والسفور والتبرج والاختلاط وغير ذلك مما تحتاج إليه المرأة المسلمة.
المؤلف : عبد الله بن جار الله بن إبراهيم الجار الله
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/209155
- معالم في طريق الإصلاحمعالم في طريق الإصلاح : في ثنايا هذه الرسالة مالم يستضيء بها مريد الإصلاح، مستمدة من كتاب الله تعالى وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وكلام أهل العلم.
المؤلف : عبد العزيز بن محمد السدحان
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/307787