القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة آل عمران
وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) (آل عمران)
قَالَ تَعَالَى مُسَلِّيًا لِلْمُؤْمِنِينَ عَمَّا كَانَ وَقَعَ فِي نُفُوسهمْ يَوْم أُحُد " وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِير " قِيلَ : مَعْنَاهُ كَمْ مِنْ نَبِيّ قُتِلَ وَقُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ مِنْ أَصْحَابه كَثِير وَهَذَا الْقَوْل هُوَ اِخْتِيَار اِبْن جَرِير فَإِنَّهُ قَالَ : وَأَمَّا الَّذِينَ قَرَءُوا " قَتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِير " فَإِنَّهُمْ قَالُوا : إِنَّمَا عَنَى بِالْقَتْلِ النَّبِيّ وَبَعْض مَنْ مَعَهُ مِنْ الرِّبِّيِّينَ دُون جَمِيعهمْ وَإِنَّمَا نَفَى الْوَهَن وَالضَّعْف عَمَّنْ بَقِيَ مِنْ الرِّبِّيِّينَ مِمَّنْ لَمْ يَقْتُل قَالَ : وَمَنْ قَرَأَ " قَاتَلَ " فَإِنَّهُ اِخْتَارَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ : لَوْ قُتِلُوا لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِ اللَّه " فَمَا وَهَنُوا " وَجْه مَعْرُوف لِأَنَّهُ يَسْتَحِيل أَنْ يُوصَفُوا بِأَنَّهُمْ لَمْ يَهِنُوا وَلَمْ يَضْعُفُوا بَعْد مَا قُتِلُوا ثُمَّ اِخْتَارَ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ " قَتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِير " لِأَنَّ اللَّه عَاتَبَ بِهَذِهِ الْآيَات وَاَلَّتِي قَبْلهَا مَنْ اِنْهَزَمَ يَوْم أُحُد وَتَرَكُوا الْقِتَال لَمَّا سَمِعُوا الصَّائِح يَصِيح بِأَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ فَعَذَلَهُمْ اللَّه عَلَى فِرَارهمْ وَتَرْكِهِمْ الْقِتَال فَقَالَ لَهُمْ " أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ" أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ اِرْتَدَدْتُمْ عَنْ دِينكُمْ وَ " اِنْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابكُمْ " وَقِيلَ : وَكَمْ مِنْ نَبِيّ قُتِلَ بَيْن يَدَيْهِ مِنْ أَصْحَابه رِبِّيُّونَ كَثِير . وَكَلَام اِبْن إِسْحَق فِي السِّيرَة يَقْتَضِي قَوْلًا آخَر فَإِنَّهُ قَالَ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيّ أَصَابَهُ الْقَتْل وَمَعَهُ رِبِّيُّونَ أَيْ جَمَاعَات فَمَا وَهَنُوا بَعْد نَبِيّهمْ وَمَا ضَعُفُوا عَنْ عَدُوّهُمْ وَمَا اِسْتَكَانُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي الْجِهَاد عَنْ اللَّه وَعَنْ دِينهمْ وَذَلِكَ الصَّبْر " وَاَللَّه يُحِبّ الصَّابِرِينَ " فَجَعَلَ قَوْله " مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِير " حَالًا وَقَدْ نَصَرَ هَذَا الْقَوْل السُّهَيْلِيّ وَبَالَغَ فِيهِ وَلَهُ اِتِّجَاه لِقَوْلِهِ " فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ " الْآيَة وَكَذَا حَكَاهُ الْأُمَوِيّ فِي مَغَازِيه عَنْ كِتَاب مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم وَلَمْ يَحْكِ غَيْره وَقَرَأَ بَعْضهمْ " قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِير " أَيْ أُلُوف وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَعِكْرِمَة وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَالرَّبِيع وَعَطَاء الْخُرَاسَانِيّ : الرِّبِّيُّونَ الْجُمُوع الْكَثِيرَة وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ الْحَسَن " رِبِّيُّونَ كَثِير " أَيْ عُلَمَاء كَثِير وَعَنْهُ أَيْضًا : عُلَمَاء صُبُر أَيْ أَبْرَار أَتْقِيَاء. وَحَكَى اِبْن جَرِير عَنْ بَعْض نُحَاة الْبَصْرَة أَنَّ الرِّبِّيِّينَ هُمْ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الرَّبّ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ وَرَدَّ بَعْضهمْ عَلَيْهِ فَقَالَ : لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقِيلَ الرَّبِّيُّونَ بِفَتْحِ الرَّاء وَقَالَ اِبْن زَيْد : الرِّبِّيُّونَ الْأَتْبَاع وَالرَّعِيَّة وَالرَّبَّانِيُّونَ الْوُلَاة " فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيل اللَّه وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اِسْتَكَانُوا " قَالَ قَتَادَةُ وَالرَّبِيع بْن أَنَس : " وَمَا ضَعُفُوا " بِقَتْلِ نَبِيّهمْ " وَمَا اِسْتَكَانُوا " يَقُول : فَمَا اِرْتَدُّوا عَنْ نُصْرَتِهِمْ وَلَا عَنْ دِينهمْ أَنْ قَاتَلُوا عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ نَبِيّ اللَّه حَتَّى لَحِقُوا بِاَللَّهِ وَقَالَ اِبْن عَبَّاس " وَمَا اِسْتَكَانُوا " تَخَشَّعُوا وَقَالَ اِبْن زَيْد : وَمَا ذَلُّوا لِعَدُوِّهِمْ وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَق وَالسُّدِّيّ وَقَتَادَة : أَيْ مَا أَصَابَهُمْ ذَلِكَ حِين قُتِلَ نَبِيّهمْ .
كتب عشوائيه
- كيف تحفظ القرآن الكريم؟كيف تحفظ القرآن الكريم؟ رسالة لطيفة تشتمل على خلاصة تجارب للمتخصصين في القرآن، حفظاً وتجويداً وتطبيقاً، على من يريدون حفظ كتاب الله، بالإضافة إلى اشتمالها على موضوعات مهمة، كفضل تعلم القرآن وتعليمه، وشيئاً من آداب تلاوة القرآن القلبية والظاهرية، والتي كون العمل بها له أثر بإذن الله في خشوع القلب وخضوعه لله وتدبر كتابه والتفكر في معانيه.
المؤلف : محمد بن علي العرفج
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/66617
- نظم الآجرومية لعبيد ربه الشنقيطينظم الآجرومية لعبيد ربه الشنقيطي المتوفى في أوائل القرن الثاني عشر الهجري، وقد قام بنظم المقدمة الآجرومية لأبي عبدالله محمد بن محمد بن داود الصنهاجي المعروف بـابن آجروم، وهو متن مشهور في النحو، قد تلقاه العلماء بالقبول؛ وهذا النظم يعد أوجز المتون التي عُني فيها أصحابها بمتن المقدمة الآجرومية، ويمتاز بسلاسته وعنايته بالأمثلة التطبيقية.
الناشر : موقع المتون العلمية http://www.almtoon.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/335287
- ما قاله الثقلان في أولياء الرحمنما قاله الثقلان في أولياء الرحمن: هذه الورقات فيها بيان شافٍ - بإذن الله - و إظهار لمكانة أولئك النفر من الرجال والنساء من الصحابة، لأن من أحب إنساناً أحب أحبابه وتقبلهم بقبول حسن وأبغض أعداءهم ومبغضيهم، وهذه سنة ماضية في الخلق
المؤلف : عبد الله بن جوران الخضير
المدقق/المراجع : راشد بن سعد الراشد
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/60716
- المناهي اللفظيةالمناهي اللفظية: مجموعة من الأسئلة التي أجاب عنها فضيلة الشيخ يرحمه الله في بعض المناهي اللفظية التي يتناقلها الناس .
المؤلف : محمد بن صالح العثيمين
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/45923
- الهدية المرضية بشأن الأضحيةالهدية المرضية بشأن الأضحية: نبذة مما يتعلَّق بالأضاحي من أحكام وآداب وغيرها، مما يحتاج إلى التذكرة به أولو الألباب، فإنهم هم الذين يتذكرون ولربهم يتقون.
المؤلف : عبد الله بن صالح القصير
الناشر : شبكة الألوكة http://www.alukah.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/330466