خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ۖ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (1) (التحريم) mp3
سُورَة التَّحْرِيم مَدَنِيَّة فِي قَوْل الْجَمِيع , وَهِيَ اِثْنَتَا عَشْرَة آيَة . وَتُسَمَّى سُورَة " النَّبِيّ " . فِيهِ خَمْس مَسَائِل : الْأُولَى : قَوْله تَعَالَى : " يَا أَيّهَا النَّبِيّ لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك " ثَبَتَ فِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَانَ يَمْكُث عِنْد زَيْنَب بِنْت جَحْش فَيَشْرَب عِنْدهَا عَسَلًا , قَالَتْ فَتَوَاطَأْت أَنَا وَحَفْصَة أَنَّ أَيَّتنَا مَا دَخَلَ عَلَيْهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْتَقُلْ : إِنِّي أَجِد مِنْك رِيح مَغَافِير ! أَكَلْتَ مَغَافِير ؟ فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ . فَقَالَ : ( بَلْ شَرِبْت عَسَلًا عِنْد زَيْنَب بِنْت جَحْش وَلَنْ أَعُود لَهُ ) . فَنَزَلَ : " لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك - إِلَى قَوْله - إِنْ تَتُوبَا " : ( لِعَائِشَة وَحَفْصَة ) , " وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيّ إِلَى بَعْض أَزْوَاجه حَدِيثًا " [ التَّحْرِيم 30 ] لِقَوْلِهِ : ( بَلْ شَرِبْت عَسَلًا ) . وَعَنْهَا أَيْضًا قَالَتْ : كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبّ الْحَلْوَاء وَالْعَسَل , فَكَانَ إِذَا صَلَّى الْعَصْر دَارَ عَلَى نِسَائِهِ فَيَدْنُو مِنْهُنَّ , فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَة فَاحْتَبَسَ عِنْدهَا أَكْثَر مِمَّا كَانَ يَحْتَبِس , فَسَأَلْت عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لِي : أَهْدَتْ لَهَا اِمْرَأَة مِنْ قَوْمهَا عُكَّة مِنْ عَسَل , فَسَقَتْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ شَرْبَة . فَقُلْت : أَمَا وَاَللَّه لَنَحْتَالَنَّ لَهُ , فَذَكَرْت ذَلِكَ لِسَوْدَةَ وَقُلْت : إِذَا دَخَلَ عَلَيْك فَإِنَّهُ سَيَدْنُو مِنْك فَقَوْلِي لَهُ : يَا رَسُول اللَّه , أَكَلْت مَغَافِير ؟ فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَك لَا . فَقَوْلِي لَهُ : مَا هَذِهِ الرِّيح ؟ - وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْتَدّ عَلَيْهِ أَنْ يُوجَد مِنْهُ الرِّيح - فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَك سَقَتْنِي حَفْصَة شَرْبَة عَسَل . فَقَوْلِي لَهُ : جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ . وَسَأَقُولُ ذَلِكَ لَهُ , وَقُولِيهِ أَنْتِ يَا صَفِيَّة . فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى سَوْدَة - قَالَتْ : تَقُول سَوْدَة وَاَللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لَقَدْ كِدْت أَنْ أُبَادِئهُ بِاَلَّذِي قُلْت لِي , وَإِنَّهُ لَعَلَى الْبَاب , فَرَقًا مِنْك . فَلَمَّا دَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه , أَكَلْت مَغَافِير ؟ قَالَ : ( لَا ) قَالَتْ : فَمَا هَذِهِ الرِّيح ؟ قَالَ : ( سَقَتْنِي حَفْصَة شَرْبَة عَسَل ) قَالَ : جَرَسَتْ نَحْله الْعُرْفُط . فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيَّ قُلْت لَهُ مِثْل ذَلِكَ . ثُمَّ دَخَلَ عَلَى صَفِيَّة فَقَالَتْ بِمِثْلِ ذَلِكَ . فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى حَفْصَة قَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه , أَلَا أَسْقِيك مِنْهُ . قَالَ ( لَا حَاجَة لِي بِهِ ) قَالَتْ : تَقُول سَوْدَة سُبْحَانَ اللَّه ! وَاَللَّه لَقَدْ حَرَمْنَاهُ . قَالَتْ : قُلْت لَهَا اُسْكُتِي . فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَة أَنَّ الَّتِي شَرِبَ عِنْدهَا الْعَسَل حَفْصَة . وَفِي الْأُولَى زَيْنَب . وَرَوَى اِبْن أَبِي مُلَيْكَة عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ شَرِبَهُ عِنْد سَوْدَة . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّمَا هِيَ أُمّ سَلَمَة , رَوَاهُ أَسْبَاط عَنْ السُّدِّيّ . وَقَالَهُ عَطَاء بْن أَبِي مُسْلِم . اِبْن الْعَرَبِيّ : وَهَذَا كُلّه جَهْل أَوْ تَصَوُّر بِغَيْرِ عِلْم . فَقَالَ بَاقِي نِسَائِهِ حَسَدًا وَغَيْرَة لِمَنْ شَرِبَ ذَلِكَ عِنْدهَا : إِنَّا لَنَجِد مِنْك رِيح الْمَغَافِير . وَالْمَغَافِير : بَقْلَة أَوْ صَمْغَة مُتَغَيِّرَة الرَّائِحَة , فِيهَا حَلَاوَة . وَاحِدهَا مَغْفُور , وَجَرَسَتْ : أَكَلَتْ . وَالْعُرْفُط : نَبْت لَهُ رِيح كَرِيحِ الْخَمْر . وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَام يُعْجِبهُ أَنْ يُوجَد مِنْهُ الرِّيح الطَّيِّبَة أَوْ يَجِدهَا , وَيَكْرَه الرِّيح الْخَبِيثَة لِمُنَاجَاةِ الْمَلَك . فَهَذَا قَوْل . وَقَوْل آخَر - أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْمَرْأَة الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَقْبَلهَا لِأَجْلِ أَزْوَاجه , قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَعِكْرِمَة . وَالْمَرْأَة أُمّ شَرِيك . وَقَوْل ثَالِث - إِنَّ الَّتِي حَرَّمَ مَارِيَة الْقِبْطِيَّة , وَكَانَ قَدْ أَهْدَاهَا لَهُ الْمُقَوْقِس مَلِك الْإِسْكَنْدَرِيَّة . قَالَ اِبْن إِسْحَاق : هِيَ مِنْ كُورَةِ أَنْصِنَا مِنْ بَلَد يُقَال لَهُ حَفْن فَوَاقَعَهَا فِي بَيْت حَفْصَة . رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس عَنْ عُمَر قَالَ : دَخَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُمِّ وَلَده مَارِيَة فِي بَيْت حَفْصَة , فَوَجَدَتْهُ حَفْصَة مَعَهَا - وَكَانَتْ حَفْصَة غَابَتْ إِلَى بَيْت أَبِيهَا - فَقَالَتْ لَهُ : تُدْخِلهَا بَيْتِي ! مَا صَنَعْت بِي هَذَا مِنْ بَيْنَ نِسَائِك إِلَّا مِنْ هَوَانِي عَلَيْك . فَقَالَ لَهَا : ( لَا تَذْكُرِي هَذَا لِعَائِشَة فَهِيَ عَلَيَّ حَرَام إِنْ قَرِبْتهَا ) قَالَتْ حَفْصَة : وَكَيْفَ تَحْرُم عَلَيْك وَهِيَ جَارِيَتك ؟ فَحَلَفَ لَهَا أَلَّا يَقْرَبهَا . فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَذْكُرِيهِ لِأَحَدٍ ) . فَذَكَرَتْهُ لِعَائِشَة , فَآلَى لَا يَدْخُل عَلَى نِسَائِهِ شَهْرًا , فَاعْتَزَلَهُنَّ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَة , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك " الْآيَة .

الثَّانِيَة : أَصَحّ هَذِهِ الْأَقْوَال أَوَّلهَا . وَأَضْعَفهَا أَوْسَطهَا . قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : " أَمَّا ضَعْفه فِي السَّنَد فَلِعَدَمِ عَدَالَة رُوَاته , وَأَمَّا ضَعْفه فِي مَعْنَاهُ فَلِأَنَّ رَدَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمَوْهُوبَةِ لَيْسَ تَحْرِيمًا لَهَا , لِأَنَّ مَنْ رَدَّ مَا وُهِبَ لَهُ لَمْ يُحَرَّم عَلَيْهِ , إِنَّمَا حَقِيقَة التَّحْرِيم بَعْد التَّحْلِيل . وَأَمَّا مَنْ رَوَى أَنَّهُ حَرَّمَ مَارِيَة الْقِبْطِيَّة فَهُوَ أَمْثَل فِي السَّنَد وَأَقْرَب إِلَى الْمَعْنَى , لَكِنَّهُ لَمْ يُدَوَّن فِي الصَّحِيح . وَرُوِيَ مُرْسَلًا . وَقَدْ رَوَى اِبْن وَهْب عَنْ مَالِك عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ قَالَ : حَرَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمّ إِبْرَاهِيم فَقَالَ : ( أَنْتِ عَلَيَّ حَرَام وَاَللَّه لَا آتِيَنَّكِ ) . فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ : " يَا أَيّهَا النَّبِيّ لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك " وَرَوَى مِثْله اِبْن الْقَاسِم عَنْهُ . وَرَوَى أَشْهَب عَنْ مَالِك قَالَ : رَاجَعَتْ عُمَر اِمْرَأَة مِنْ الْأَنْصَار فِي شَيْء فَاقْشَعَرَّ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ : مَا كَانَ النِّسَاء هَكَذَا ! قَالَتْ : بَلَى , وَقَدْ كَانَ أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَاجِعْنَهُ . فَأَخَذَ ثَوْبه فَخَرَجَ إِلَى حَفْصَة فَقَالَ لَهَا : أَتُرَاجِعِينَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ , وَلَوْ أَعْلَم أَنَّك تَكْرَه مَا فَعَلْت . فَلَمَّا بَلَغَ عُمَر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَجَرَ نِسَاءَهُ قَالَ : رَغْم أَنْف حَفْصَة . وَإِنَّمَا الصَّحِيح أَنَّهُ كَانَ فِي الْعَسَل وَأَنَّهُ شَرِبَهُ عِنْد زَيْنَب , وَتَظَاهَرَتْ عَلَيْهِ عَائِشَة وَحَفْصَة فِيهِ , فَجَرَى مَا جَرَى فَحَلَفَ أَلَّا يَشْرَبهُ وَأَسَرَّ ذَلِكَ . وَنَزَلَتْ الْآيَة فِي الْجَمِيع .

الثَّالِثَة : قَوْله تَعَالَى : " لِمَ تُحَرِّم " إِنْ كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ وَلَمْ يَحْلِف فَلَيْسَ ذَلِكَ بِيَمِينٍ عِنْدنَا . وَلَا يُحَرِّم قَوْل الرَّجُل : " هَذَا عَلَيَّ حَرَام " شَيْئًا حَاشَا الزَّوْجَة . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة : إِذَا أُطْلِق حُمِلَ عَلَى الْمَأْكُول وَالْمَشْرُوب دُون الْمَلْبُوس , وَكَانَتْ يَمِينًا تُوجِب الْكَفَّارَة . وَقَالَ زُفَر : هُوَ يَمِين فِي الْكُلّ حَتَّى فِي الْحَرَكَة وَالْكَوْن . وَعَوَّلَ الْمُخَالِف عَلَى أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ الْعَسَل فَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَة . وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى : " قَدْ فَرَضَ اللَّه لَكُمْ تَحِلَّة أَيْمَانكُمْ " [ التَّحْرِيم : 2 ] فَسَمَّاهُ يَمِينًا . وَدَلِيلنَا قَوْل اللَّه تَعَالَى : " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَات مَا أَحَلَّ اللَّه لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا " [ الْمَائِدَة : 87 ] , وَقَوْله تَعَالَى : " قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّه لَكُمْ مِنْ رِزْق فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّه أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّه تَفْتَرُونَ " [ يُونُس : 59 ] . فَذَمَّ اللَّه الْمُحَرِّم لِلْحَلَالِ وَلَمْ يُوجِب عَلَيْهِ كَفَّارَة . قَالَ الزَّجَّاج : لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه . وَلَمْ يَجْعَل لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُحَرِّم إِلَّا مَا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِ . فَمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَوْ أَمَته : أَنْتِ عَلَيَّ حَرَام ; وَلَمْ يَنْوِ طَلَاقًا وَلَا ظِهَارًا فَهَذَا اللَّفْظ يُوجِب كَفَّارَة الْيَمِين . وَلَوْ خَاطَبَ بِهَذَا اللَّفْظ جَمْعًا مِنْ الزَّوْجَات وَالْإِمَاء فَعَلَيْهِ كَفَّارَة وَاحِدَة . وَلَوْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسه طَعَامًا أَوْ شَيْئًا آخَر لَمْ يَلْزَمهُ بِذَلِكَ كَفَّارَة عِنْد الشَّافِعِيّ وَمَالِك . وَتَجِب بِذَلِكَ كَفَّارَة عِنْد اِبْن مَسْعُود وَالثَّوْرِيّ وَأَبِي حَنِيفَة .

الرَّابِعَة : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الرَّجُل يَقُول لِزَوْجَتِهِ : " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَام " عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قَوْلًا : أَحَدهَا : لَا شَيْء عَلَيْهِ . وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيّ وَمَسْرُوق وَرَبِيعَة وَأَبُو سَلَمَة وَأَصْبَغ . وَهُوَ عِنْدهمْ كَتَحْرِيمِ الْمَاء وَالطَّعَام ; قَالَ اللَّه تَعَالَى : " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَات مَا أَحَلَّ اللَّه لَكُمْ " [ الْمَائِدَة : 87 ] وَالزَّوْجَة مِنْ الطَّيِّبَات وَمِمَّا أَحَلَّ اللَّه . وَقَالَ تَعَالَى : " وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِف أَلْسِنَتكُمْ الْكَذِب هَذَا حَلَال وَهَذَا حَرَام " [ النَّحْل : 116 ] . وَمَا لَمْ يُحَرِّمهُ اللَّه فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُحَرِّمهُ , وَلَا أَنْ يَصِير بِتَحْرِيمِهِ حَرَامًا . وَلَمْ يَثْبُت عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِمَا أَحَلَّهُ اللَّه هُوَ عَلَيَّ حَرَام . وَإِنَّمَا اِمْتَنَعَ مِنْ مَارِيَة لِيَمِينٍ تَقَدَّمَتْ مِنْهُ وَهُوَ قَوْله : ( وَاَللَّه لَا أَقْرَبهَا بَعْد الْيَوْم ) فَقِيلَ لَهُ : لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك ; أَيْ لِمَ تَمْتَنِع مِنْهُ بِسَبَبِ الْيَمِين . يَعْنِي أَقْدِمْ عَلَيْهِ وَكَفِّرْ .

ثَانِيهَا : أَنَّهَا يَمِين يُكَفِّرهَا ; قَالَهُ أَبُو بَكْر الصِّدِّيق وَعُمَر بْن الْخَطَّاب وَعَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَعَائِشَة - رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ - وَالْأَوْزَاعِيّ ; وَهُوَ مُقْتَضَى الْآيَة . قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس : إِذَا حَرَّمَ الرَّجُل عَلَيْهِ اِمْرَأَته فَإِنَّمَا هِيَ يَمِين يُكَفِّرهَا . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُول اللَّه أُسْوَة حَسَنَة ; يَعْنِي أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَرَّمَ جَارِيَته فَقَالَ اللَّه تَعَالَى : " لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك - إِلَى قَوْله تَعَالَى - قَدْ فَرَضَ اللَّه لَكُمْ تَحِلَّة أَيْمَانكُمْ " فَكَفَّرَ عَنْ يَمِينه وَصَيَّرَ الْحَرَام يَمِينًا . خَرَّجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ .

ثَالِثهَا أَنَّهَا تَجِب فِيهَا كَفَّارَة وَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ ; قَالَهُ اِبْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس أَيْضًا فِي إِحْدَى رِوَايَتَيْهِ , وَالشَّافِعِيّ فِي أَحَد قَوْلَيْهِ , وَفِي هَذَا الْقَوْل نَظَر . وَالْآيَة تَرُدّهُ عَلَى مَا يَأْتِي .

رَابِعهَا : هِيَ ظِهَار ; فَفِيهَا كَفَّارَة الظِّهَار , قَالَهُ عُثْمَان وَأَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْحَاق .

خَامِسهَا أَنَّهُ إِنْ نَوَى الظِّهَار وَهُوَ يَنْوِي أَنَّهَا مُحَرَّمَة كَتَحْرِيمِ ظَهْر أُمّه كَانَ ظِهَارًا . وَإِنْ نَوَى تَحْرِيم عَيْنهَا عَلَيْهِ بِغَيْرِ طَلَاق تَحْرِيمًا مُطْلَقًا وَجَبَتْ كَفَّارَة يَمِين . وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَعَلَيْهِ كَفَّارَة يَمِين , قَالَهُ الشَّافِعِيّ .

سَادِسهَا : أَنَّهَا طَلْقَة رَجْعِيَّة , قَالَهُ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَالزُّهْرِيّ وَعَبْد الْعَزِيز بْن أَبِي سَلَمَة وَابْن الْمَاجِشُون . وَسَابِعهَا أَنَّهَا طَلْقَة بَائِنَة , قَالَهُ حَمَّاد بْن أَبِي سُلَيْمَان وَزَيْد بْن ثَابِت . وَرَوَاهُ اِبْن خُوَيْزِ مَنْدَاد عَنْ مَالِك .

ثَامِنهَا أَنَّهَا ثَلَاث تَطْلِيقَات , قَالَهُ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَزَيْد بْن ثَابِت أَيْضًا وَأَبُو هُرَيْرَة .

تَاسِعهَا : هِيَ فِي الْمَدْخُول بِهَا ثَلَاث , وَيَنْوِي فِي غَيْر الْمَدْخُول بِهَا , قَالَهُ الْحَسَن وَعَلِيّ بْن زَيْد وَالْحَكَم . وَهُوَ مَشْهُور مَذْهَب مَالِك .

عَاشِرهَا : هِيَ ثَلَاث ; وَلَا يَنْوِي بِحَالٍّ وَلَا فِي مَحِلّ وَإِنْ لَمْ يَدْخُل ; قَالَهُ عَبْد الْمَلِك فِي الْمَبْسُوط , وَبِهِ قَالَ اِبْن أَبِي لَيْلَى .

حَادِي عَشَرهَا : هِيَ فِي الَّتِي لَمْ يَدْخُل بِهَا وَاحِدَة , وَفِي الَّتِي دَخَلَ بِهَا ثَلَاث ; قَالَهُ أَبُو مُصْعَب وَمُحَمَّد بْن عَبْد الْحَكَم .

ثَانِي عَشَرهَا أَنَّهُ إِنْ نَوَى الطَّلَاق أَوْ الظِّهَار كَانَ مَا نَوَى . فَإِنْ نَوَى الطَّلَاق فَوَاحِدَة بَائِنَة إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ ثَلَاثًا . فَإِنْ نَوَى ثِنْتَيْنِ فَوَاحِدَة . فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا كَانَتْ يَمِينًا وَكَانَ الرَّجُل مُولِيًا مِنْ اِمْرَأَته ; قَالَهُ أَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه . وَبِمِثْلِهِ قَالَ زُفَر ; إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : إِذَا نَوَى اِثْنَتَيْنِ أَلْزَمْنَاهُ .

ثَالِث عَشَرهَا أَنَّهُ لَا تَنْفَعهُ نِيَّة الظِّهَار وَإِنَّمَا يَكُون طَلَاقًا ; قَالَهُ اِبْن الْقَاسِم .

رَابِع عَشَرهَا : قَالَ يَحْيَى بْن عُمَر : يَكُون طَلَاقًا ; فَإِنْ اِرْتَجَعَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يُكَفِّر كَفَّارَة الظِّهَار .

خَامِس عَشَرهَا : إِنْ نَوَى الطَّلَاق فَمَا أَرَادَ مِنْ أَعْدَاده . وَإِنْ نَوَى وَاحِدَة فَهِيَ رَجْعِيَّة . وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ . وَرُوِيَ مِثْله عَنْ أَبِي بَكْر وَعُمَر وَغَيْرهمْ مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ .

سَادِس عَشَرهَا : إِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثًا , وَإِنْ وَاحِدَة فَوَاحِدَة . وَإِنْ نَوَى يَمِينًا فَهِيَ يَمِين . وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ . وَهُوَ قَوْل سُفْيَان . وَبِمِثْلِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَأَبُو ثَوْر ; إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا : إِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهِيَ وَاحِدَة .

سَابِع عَشَرهَا : لَهُ نِيَّته وَلَا يَكُون أَقَلّ مِنْ وَاحِدَة ; قَالَهُ اِبْن شِهَاب . وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ شَيْء ; قَالَهُ اِبْن الْعَرَبِيّ . وَرَأَيْت لِسَعِيدِ بْن جُبَيْر وَهُوَ :

الثَّامِنَ عَشَرَ أَنَّ عَلَيْهِ عِتْق رَقَبَة وَإِنْ لَمْ يَجْعَلهَا ظِهَارًا . وَلَسْت أَعْلَم لَهَا وَجْهًا وَلَا يَبْعُد فِي الْمَقَالَات عِنْدِي . قُلْت : قَدْ ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سُنَنه عَنْ اِبْن عَبَّاس فَقَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن إِسْمَاعِيل قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مَنْصُور قَالَ حَدَّثَنَا رَوْح قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ سَالِم الْأَفْطَس عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُل فَقَالَ : إِنِّي جَعَلْت اِمْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامًا . فَقَالَ : كَذَبْت ! لَيْسَتْ عَلَيْك بِحَرَامٍ ; ثُمَّ تَلَا " يَا أَيّهَا النَّبِيّ لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك " عَلَيْك أَغْلَظ الْكَفَّارَات : عِتْق رَقَبَة . وَقَدْ قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّفْسِير : إِنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة كَفَّرَ عَنْ يَمِينه بِعِتْقِ رَقَبَةٍ , وَعَادَ إِلَى مَارِيَة صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; قَالَهُ زَيْد بْن أَسْلَمَ وَغَيْره .

الْخَامِسَة : قَالَ عُلَمَاؤُنَا : سَبَب الِاخْتِلَاف فِي هَذَا الْبَاب أَنَّهُ لَيْسَ فِي كِتَاب اللَّه وَلَا فِي سُنَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصّ وَلَا ظَاهِر صَحِيح يُعْتَمَد عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة , فَتَجَاذَبَهَا الْعُلَمَاء لِذَلِكَ . فَمَنْ تَمَسَّكَ بِالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّة فَقَالَ : لَا حُكْم , فَلَا يَلْزَم بِهَا شَيْء . وَأَمَّا مَنْ قَالَ إِنَّهَا يَمِين ; فَقَالَ : سَمَّاهَا اللَّه يَمِينًا . وَأَمَّا مَنْ قَالَ : تَجِب فِيهَا كَفَّارَة وَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ ; فَبَنَاهُ عَلَى أَحَد أَمْرَيْنِ : أَحَدهمَا أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ اللَّه تَعَالَى أَوْجَبَ الْكَفَّارَة فِيهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ يَمِينًا . وَالثَّانِي أَنَّ مَعْنَى الْيَمِين عِنْده التَّحْرِيم , فَوَقَعَتْ الْكَفَّارَة عَلَى الْمَعْنَى . وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إِنَّهَا طَلْقَة رَجْعِيَّة ; فَإِنَّهُ حَمَلَ اللَّفْظ عَلَى أَقَلّ وُجُوهه , وَالرَّجْعِيَّة مُحَرَّمَة الْوَطْء كَذَلِكَ ; فَيُحْمَل اللَّفْظ عَلَيْهِ . وَهَذَا يَلْزَم مَالِكًا , لِقَوْلِهِ : إِنَّ الرَّجْعِيَّة مُحَرَّمَة الْوَطْء . وَكَذَلِكَ وَجْه مَنْ قَالَ : إِنَّهَا ثَلَاث , فَحَمَلَهُ عَلَى أَكْبَر مَعْنَاهُ وَهُوَ الطَّلَاق الثَّلَاث . وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إِنَّهُ ظِهَار , فَلِأَنَّهُ أَقَلّ دَرَجَات التَّحْرِيم , فَإِنَّهُ تَحْرِيم لَا يَرْفَع النِّكَاح . وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إِنَّهُ طَلْقَة بَائِنَة , فَعَوَّلَ عَلَى أَنَّ الطَّلَاق الرَّجْعِيّ لَا يُحَرِّم الْمُطَلَّقَة , وَأَنَّ الطَّلَاق الْبَائِن يُحَرِّمهَا . وَأَمَّا قَوْل يَحْيَى بْن عُمَر فَإِنَّهُ اِحْتَاطَ بِأَنْ جَعَلَهُ طَلَاقًا , فَلَمَّا اِرْتَجَعَهَا اِحْتَاطَ بِأَنْ يَلْزَمهُ الْكَفَّارَة . اِبْن الْعَرَبِيّ : " وَهَذَا لَا يَصِحّ , لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْمُتَضَادَّيْنِ , فَإِنَّهُ لَا يَجْتَمِع ظِهَار وَطَلَاق فِي مَعْنَى لَفْظ وَاحِد , فَلَا وَجْه لِلِاحْتِيَاطِ فِيمَا لَا يَصِحّ اِجْتِمَاعه فِي الدَّلِيل . وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إِنَّهُ يُنْوَى فِي الَّتِي لَمْ يَدْخُل بِهَا , فَلِأَنَّ الْوَاحِدَة تُبِينهَا وَتُحَرِّمهَا شَرْعًا إِجْمَاعًا . وَكَذَلِكَ قَالَ مَنْ لَمْ يَحْكُم بِاعْتِبَارِ نِيَّته : إِنَّ الْوَاحِدَة تَكْفِي قَبْل الدُّخُول فِي التَّحْرِيم بِالْإِجْمَاعِ , فَيَكْفِي أَخْذًا بِالْأَقَلِّ الْمُتَّفَق عَلَيْهِ . وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إِنَّهُ ثَلَاث فِيهِمَا , فَلِأَنَّهُ أَخْذ بِالْحُكْمِ الْأَعْظَم , فَإِنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِالثَّلَاثِ لَنَفَذَتْ فِي الَّتِي لَمْ يَدْخُل بِهَا نُفُوذهَا فِي الَّتِي دَخَلَ بِهَا . وَمِنْ الْوَاجِب أَنْ يَكُون الْمَعْنَى مِثْله وَهُوَ التَّحْرِيم " . وَاَللَّه أَعْلَم . وَهَذَا كُلّه فِي الزَّوْجَة . وَأَمَّا فِي الْأُمَّة فَلَا يَلْزَم فِيهَا شَيْء مِنْ ذَلِكَ , إِلَّا أَنَّهُ يَنْوِي بِهِ الْعِتْق عِنْد مَالِك . وَذَهَبَ عَامَّة الْعُلَمَاء إِلَى أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَة يَمِين . اِبْن الْعَرَبِيّ . وَالصَّحِيح أَنَّهَا طَلْقَة وَاحِدَة , لِأَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ الطَّلَاق لَكَانَ أَقَلّه وَهُوَ الْوَاحِدَة إِلَّا أَنْ يُعَدِّدهُ . كَذَلِكَ إِذَا ذَكَرَ التَّحْرِيم يَكُون أَقَلّه إِلَّا أَنْ يُقَيِّدهُ بِالْأَكْثَرِ , مِثْل أَنْ يَقُول أَنْتِ عَلَيَّ حَرَام إِلَّا بَعْد زَوْج , فَهَذَا نَصّ عَلَى الْمُرَاد . قُلْت : أَكْثَر الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْآيَة نَزَلَتْ فِي حَفْصَة لَمَّا خَلَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتهَا بِجَارِيَتِهِ ; ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ . وَعَلَى هَذَا فَكَأَنَّهُ قَالَ : لَا يَحْرُم عَلَيْك مَا حَرَّمْته عَلَى نَفْسك وَلَكِنْ عَلَيْك كَفَّارَة يَمِين , وَإِنْ كَانَ فِي تَحْرِيم الْعَسَل وَالْجَارِيَة أَيْضًا . فَكَأَنَّهُ قَالَ : لَمْ يَحْرُم عَلَيْك مَا حَرَّمْته , وَلَكِنْ ضَمَمْت إِلَى التَّحْرِيم يَمِينًا فَكَفِّرْ عَنْ الْيَمِين . وَهَذَا صَحِيح , فَإِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ ثُمَّ حَلَفَ , كَمَا ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيّ . وَذَكَرَ الْبُخَارِيّ مَعْنَاهُ فِي قِصَّة الْعَسَل عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْرَب عِنْد زَيْنَب بِنْت جَحْش عَسَلًا وَيَمْكُث عِنْدهَا , فَتَوَاطَأْت أَنَا وَحَفْصَة عَلَى أَيَّتنَا دَخَلَ عَلَيْهَا فَلْتَقُلْ : أَكَلْت مَغَافِير ؟ إِنِّي لَأَجِدُ مِنْك رِيح مَغَافِير ! قَالَ : ( لَا وَلَكِنْ شَرِبْت عَسَلًا وَلَنْ أَعُود لَهُ وَقَدْ حَلَفْت لَا تُخْبِرِي بِذَلِكَ أَحَدًا ) . يَبْتَغِي مَرْضَات أَزْوَاجه . فَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : ( وَلَنْ أَعُود لَهُ عَلَى جِهَة التَّحْرِيم . وَبِقَوْلِهِ : ( حَلَفْت ) أَيْ بِاَللَّهِ , بِدَلِيلِ أَنَّ اللَّه تَعَالَى أَنْزَلَ عَلَيْهِ عِنْد ذَلِكَ مُعَاتَبَته عَلَى ذَلِكَ , وَحَوَالَته عَلَى كَفَّارَة الْيَمِين بِقَوْلِهِ تَعَالَى : " يَا أَيّهَا النَّبِيّ لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك " يَعْنِي الْعَسَل الْمُحَرَّم بِقَوْلِهِ : ( لَنْ أَعُود لَهُ ) . " تَبْتَغِي مَرْضَات أَزْوَاجك " أَيْ تَفْعَل ذَلِكَ طَلَبًا لِرِضَاهُنَّ . " وَاَللَّه غَفُور رَحِيم " غَفُور لِمَا أَوْجَبَ الْمُعَاتَبَة , رَحِيم بِرَفْعِ الْمُؤَاخَذَة . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ كَانَ ذَنْبًا مِنْ الصَّغَائِر . وَالصَّحِيح أَنَّهُ مُعَاتَبَة عَلَى تَرْك الْأَوْلَى , وَأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة

كتب عشوائيه

  • الحزن والاكتئاب على ضوء الكتاب والسنةالحزن والاكتئاب على ضوء الكتاب والسنة : يحتوي الكتاب على: • مقدمة الدكتور عبد الرزاق بن محمود الحمد • بين يدي الكتاب • ترجمة المؤلف رحمه الله • مقدمة المؤلف • تعريف الحزن والاكتئاب • أنواع الحزن • مرض الاكتئاب : أولاً: أعراضه - ثانيًا: أسبابه. • ما هو العلاج؟ أولاً: العقيدة - ثانيًا: التقوى والعمل الصالح - ثالثًا: الدعاء والتسبيح والصلاة - رابعًا: تقدير أسوأ الاحتمالات - خامسًا: الواقعية في النظرة إلى الحياة - سادسًا: تقديم حسن الظن - سابعًا: كيف التصرف حيال أذى الناس - ثامنًا: الأمل. • العلاج الطبي للاكتئاب.

    المؤلف : عبد الله الخاطر

    الناشر : مجلة البيان http://www.albayan-magazine.com

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/205802

    التحميل :

  • حقوق المسلمحقوق المسلم: قال المُصنِّف: «فكرة هذا البحث المختصر تقوم على جمع الأحاديث التي اتفق على إخراجها كلٌّ من أهل السنة والإمامية، والمُتعلِّقة بموضوع: «خلق المسلم»، والهدفُ من هذا الجمع هو الوقوف على مدى الاتفاق بين الفريقين في ثوابت الدين الإسلامي، فكان أن تحصَّل للباحث مجموعة من هذه الأحاديث والآثار المتفقة في مضامينها بل وفي ألفاظها، مما يُؤيِّد ويُؤكِّد للباحث والقارئ فكرة وجود هذا الاتفاق خاصةً في هذا الموضوع، ويفتح الآفاق أيضًا أمام من أراد العمل على جمع الأحاديث المشتركة في الموضوعات الشرعية الأخرى».

    المؤلف : أسامة محمد زهير الشنطي

    الناشر : مركز البحوث في مبرة الآل والأصحاب http://www.almabarrah.net

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/380435

    التحميل :

  • جمع القرآن الكريم في عهد الخلفاء الراشدينجمع القرآن الكريم في عهد الخلفاء الراشدين: بحث مُقدَّم لندوة «عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم وعلومه». قال المصنف - حفظه الله -: «وكانت لي رغبة في الكتابة عن موضوعات أدق - من موضوع جمع القرآن - لولا أن محاور الندوة مُقيَّدة بموضوعها، وأن تحديد هذه المحاور قد تم، ومعالمه قد رُسِمت. وبادرتُ إلى الاستجابة لهذه الدعوة الكريمة والكتابة في هذا الموضوع وهو عن القرآن الكريم وكفى به فضلاً، وفي مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكفى بها مكانة، وعن عناية المملكة بالقرآن الكريم وعلومه، وهي عناية عظيمة كان من حقها أن تبرز وتظهر، وتدرس وتعلن».

    المؤلف : فهد بن عبد الرحمن الرومي

    الناشر : مكتبة التوبة للنشر والتوزيع

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/364162

    التحميل :

  • دين الحقدين الحق: قال المصنف: «اعلم أيها الإنسان العاقل، أنه لا نجاة ولا سعادة لك في هذه الحياة، وفي الحياة الآخرة بعد الممات إلا إذا عرفت ربك الذي خلقك، وآمنت به وعبدته وحده، وعرفت نبيك الذي بعثه ربك إليك، وإلى جميع الناس، فآمنت به واتبعته، وعرفت دين الحق الذي أمرك به ربك، وآمنت به، وعملت به. وهذا الكتاب الذي بين يديك "دين الحق" فيه البيان لهذه الأمور العظيمة، التي يجب عليك معرفتها والعمل بها، وقد ذكرت في الحاشية ما تحتاج إليه بعض الكلمات والمسائل من زيادة إيضاح، معتمدًا في ذلك كله على كلام الله - تعالى - وأحاديث رسوله - عليه الصلاة والسلام -؛ لأنهما المرجع الوحيد لدين الحق الذي لا يقبل الله من أحد دينًا سواه. وقد تركت التقليد الأعمى الذي أضلّ كثيرًا من الناس، بل وذكرت جملة من الطوائف الضالة التي تدّعي أنها على الحق، وهي بعيدة عنه، لكي يحذرها الجاهلون بحالها من المنتمين إليها، وغيرهم. والله حسبي ونعم الوكيل».

    المؤلف : عبد الرحمن بن حماد آل عمر

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1917

    التحميل :

  • الهجرة دروس وفوائدالهجرة دروس وفوائد: رسالة ضمَّنها المؤلف - حفظه الله - أكثر من عشرين درسًا وفائدةً من دروس الهجرة.

    المؤلف : محمد بن إبراهيم الحمد

    الناشر : موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/355722

    التحميل :

اختر التفسير

اختر سوره

كتب عشوائيه

اختر اللغة

المشاركه

Bookmark and Share